لك أحدهما فلا تفر من ذلك. وتفسير ذلك أنه كأنه يفسخ السمراء بالمحمولة والمحمولة بالسمراء وفيه أيضا بيع الطعام قبل استيفائه وإذا قال الرجل هذا التمر خمسة عشر بدينار وهذه الحنطة عشرة بدينار وأيهما شئت فخذ فقد وجبت لك احدى السلعتين فلا تفر منه فان ذلك بيع قبل استيفاء. وتفسير ذلك أنه ملكه بيعتين لا يصلح له فسخ إحداهما بصاحبتها قبل أن يستوفى لأنه أوجب له الحنطة ثم فسخها فأخذ مكانها تمرا والتمر بالحنطة بيع مثل الحنطة بالذهب ومثلها بالورق وليست بقضاء منها ولا يجوز بها مكانها الا بيعا ببيع ويدا بيد فإذا خيره هكذا بين سمراء ومحمولة أيهما شاء أن يأخذ أخذ وقد وجبت له إحداهما فهو أيضا من هذا الباب بيع قبل استيفاء ألا ترى أنه لما ملك احدى البيعتين وفسخ إحداهما في صاحبتها أنه قد وجب له تسعة آصع من السمراء فهو يدع التسعة التي وجبت له من السمراء بعشرة آصع من المحمولة أو يدع عشرة الآصع التي وجبت له من المحمولة بتسعة آصع من السمراء وهو لا يصلح أن يشترى تسعة بعشرة وهذا شبيه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة وهو مما نهى عنه أن يباع اثنان بواحد إذا كانا من صنف واحد (ابن وهب) قال مالك ومثله لا ينبغي للرجل أن يبيع من نخله عشرة أعذق بيع ثمرها على أن المبتاع يختارها وذلك أن المبتاع ينقل تلك العشرة إلى غيرها وقد وجبت عليه في حال فيأخذ أقل أو أكثر وقد نهي عن بيع التمر بالتمر الا مثلا بمثل (قال سحنون) وكل هذا قاله مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة إلا أن يأخذها يريد المعين والنئ على صاحبه وصاحبه كذلك (قال ابن القاسم) ولو اشترط البائع أن يختار قال مالك ذلك له جائز وما رأيت أحدا من أهل العلم يعجبه قول مالك في ذلك ولا يعجبني أيضا الذي قال مالك من ذلك في كتبه النخل يختارها البائع وما رأيته حين كلمته في ذلك عنده حجة ولقد أوقفني فيها نحوا من أربعين ليلة ينظر فيها ثم قال لي وما أراها الا مثل الغنم يبيعها الرجل على أن يختار منها عشرة شياه فلم يعجبني لان الغنم بعضها ببعض لا بأس به متفاضلا والتمر بالتمر متفاضلا لا خير فيه فإذا وقع أجزته لما قال مالك من ذلك ولا
(٢٠٣)