حينئذ بذاك البناء منهم) ويسمى بقاعدة المقتضي والمانع.
ولكن للنقاش فيها مجال، إذ لم يثبت بنائهم على ذلك بعد، بل يمكن دعوى الخلاف، ولا أقل من الشك المساوق للقطع بالعدم في النتيجة، نعم: للمقام خصيصة يمكن بها الحكم بالجواز في المشكوك، وهو قيام السيرة المعتبرة المستمرة إلى عصر الوحي على عدم الاعتداد بالشك.
وتوضيحه: أن المتشرعين في كل عصر لم يكونوا محترزين عن الألبسة المتخذة المعمولة من أجزاء الحيوان - كالغنم والبعير ونحوهما من حلال اللحم - كما أنهم لم يكونوا محترزين من الهرة الطائفة في البيت بحيث يمنعونها من التردد فيه، ومن المعلوم: انقداح احتمال سقوط شعراتها على تلك الألبسة أو على غيرها مما هو في البيت بنحو يحتمل مساسه لتلك الأشياء المبتلى بها، فحينئذ لا بد من احتمال وقوع شئ من تلك الشعرات عليها قطعا بحيث لا مجال لانكار الاحتمال، فمعه لا يقطع بعدم الوقوع والسقوط فلا مزيل لذاك الاحتمال بعد.
وهكذا ينقدح الاحتمال من ناحية أخرى، وهو أن الأمكنة التي تجتمع فيها أصواف تلك الحيوانات المحللة وأشعارها وأوبارها لا يقطع بخلوصها عن شئ من أصواف الحيوانات المحرمة، فمعه يحتمل اللصوق والخلط بلا قطع بالعدم. وهكذا في المكائن المعدة للنسج والعمل، إذ فيها قد يوجد الأصواف والأشعار مما لا يؤكل لحمه، فأين يقطع بعدم خلط شئ منها بتلك الأصواف مما يؤكل لحمه؟
أضف إلى ذلك: بناء بعض المكائن على الخلط، ومن المعلوم: أن لا أمارة في شئ من هذه الموارد دالة على العدم حتى يطرد الاحتمال، لأن يد البايع مثلا أو السوق ليست أمارة على كونه من مأكول اللحم، إذ وزانه وزان مأكول اللحم في صلوح الملكية وجواز البيع والانتفاع فيما عدا الصلاة.