يكن هناك ناظر، إذ المحذور ما يرتفع بعدم نزع الثوب المتنجس وبالصلاة فيه، كذلك يرتفع بالجلد الطاهر والحشيش الطاهر ونحو ذلك، فلا مجال لصلاة في النجس مع اشتراطها بطهارة الثوب، حيث إن الستر عن الناظر يحصل بما عدا الثوب قطعا.
وليس ذلك، إلا لعدم اتحاد رتبتي الثوب وغيره من الجلد والحشيش ونحو ذلك، فمن هنا يتجه إبقاء النصوص الآمرة بالدرع والقميص والملحفة والثوب وما يضاهيها على القيدية، وأنه لا يجزي غير الثوب اختيارا، وإن كان لنفي خصوصية الدرع والقميص ونحوهما مجال. فالرتبة الأولى للثوب الذي يتعارف لبسه في كل عصر بحسبه وإن لم يكن بخصوصية ما هو المعمول في زمن الصدور، كما أنه لو كان للثوب إجمال ولم يتضح شموله لمورد ومادة خاصة - كالعلف ونحوه - يحكم بالاجتزاء إذا صنع منه درع أو قميص أو نحوهما من العناوين المأخوذة في ألسنة النصوص، لأن المدار هو صدق هذه العناوين بلا دخالة لخصوص القطن أو الصوف، فإذا فرض نسج قميص أو درع أو نحو ذلك من تلك العناوين من مادة أخرى غير المادة الدارجة، فيؤخذ به ويكتفي البتة، وإن لم يصدق عليها الثوب. وهذا نظير ما ورد في الاحرام على لسانين: أحدهما ما عبر فيه بثوبي الاحرام، والآخر ما عبر فيه بإزار ورداء، فإن كان للثوب إبهام من حيث الشمول للجلد والعلف ونحوهما، فلا إجمال للإزار ولا للرداء، فيحكم بالاجتزاء عند صدق هذين العنوانين وإن لم يصدق هناك عنوان الثوب، فحينئذ يدور الأمر مدار الهيئة الخاصة المسماة:
بالدرع أو القميص أو سراويل أو نحوها مما أخذ في لسان النصوص المارة، بلا خصوصية للقطن ولا للصوف ولا للثوب. بل المواد الدارجة اليوم مما يصنع بها الدرع ونحوه كالمواد المعهودة سابقا أيضا، فوزان العلف والصوف واحد، ووزان الجلد والقطن واحد، ووزان المواد المخترعة اليوم ووزان المواد الطبيعية واحد، فالمدار هو صدق عنوان القميص ونحوه مما تكرر في النصوص، بحيث