به لأجل كون البسملة من دونه لا يتعين كونها لسورة معينة إلا بالقصد، فإذا قصد الشخص بالبسملة جزء السورة التي يقذفها الله في قلبه فهو بعد ذلك مخير في ضم أي سورة شاء أم لا، والثاني خلاف المفروض، والأول لا يتحقق إلا بعد كون البسملة قابلة لكل ما يجوز له أن يختاره، فصارت البسملة قابلة لجميع السور، فأين المعين لها بخصوص ما يوقعه الله في قلبه؟! فهذا قول بعدم وجوب قصد السورة المعينة من حيث لا يشعر قائله.
وأعجب من ذلك: ما قيل (1) في توجيهه من أن الاشتراك يقطع بذلك ويرتفع - ليت شعري - فأين محك الاشتراك؟ إلا أن يقال: إنه فرق بين أن يقصد سورة غير معينة، وبين أن يقصد خصوص ما يقذفها الله في قلبه، فيفرق بين الموضعين، لكن فيه ما مر (2) من أن هذا المقدار لا يرفع عموم قابلية البسملة الذي كان هو الداعي على وجوب القصد، مع أنه مدفوع بأن المكلف لا ينفك عن أن يقصد بتلك البسملة جزئيتها لما يقع منه من السورة، وإن كان لا يعلم خصوص ما يقع منه، ثم قياس هذا الفرض على ما إذا قصد بالبسملة أطول السور أو أقصرها - مع عدم علمه بذلك حين البسطة - قياس مع الفارق; لأن قصد السورة النازلة مع أقصر السور أو أطولها يكفي، ويجب عليه بعده اختيار ذلك، بخلاف قصد ما يوقعه الله في قلبه، فإنه باق على التخيير، فالبسملة باقية على القابلية.
ومنه يظهر الكلام فيما إذا تعين السورة بنذر أو ضيق أو عدم معرفة غيرها; فإن البسملة المقروءة غير قابلة لغيرها.