لهم بما ذكرنا من الكتاب والسنة وأيدهما بالسيرة المستمرة بين المسلمين من المسامحة في أمر القبلة فيما يعتبر فيه القبلة من أمورهم المهمة كالصلاة والذبح ونحو ذلك (1).
أقول: الظاهر أن كون مجموع ما بين المشرق والمغرب قبلة وإن علم أو ظن بكون الكعبة في جزء معين من هذه الجهة - مع كونه مخالفا للأخبار المتواترة (2) الدالة على كون الكعبة قبلة لجميع الناس - خلاف ظاهر الفقهاء، كما صرح به وحيد عصره في شرحه على المفاتيح، بل صرح بأن صلاة العالم المتعمد على هذا الوجه خلاف طريقة المسلمين في الأعصار، بل هو عندهم مثل منافيات ضروري الدين (3). ويظهر ذلك من غيره أيضا.
نعم، حكى الشهيدان في الذكرى (4) والمقاصد العلية (5) عن بعض العامة أن المشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس، والجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس. ويظهر منهما أن المخالف بين المسلمين منحصر في ذلك. ولأجل ما ذكرنا اتفقوا على عد من انحرف عما يقتضيه الأمارات إلى ما بين المشرق والمغرب من أقسام المصلي إلى غير القبلة وإن استدلوا على صحة صلاته بما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة. لكن ليس غرضهم من ذلك إخراجه عن مسألة الخاطئ في القبلة، بل إظهار أن الانحراف ما لم يصل إلى