المسجد، فكبر واستقبل الكعبة، فدنا الرجل من أبي عبد الله (عليه السلام) وهو ينتف شعره ويضرب وجهه، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أسكن يا عبد الله. فلما كلمه وكان الرجل أعجميا فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما تقول؟ قال: كنت رجلا أعمل بيدي، فاجتمعت لي نفقة، فجئت أحج لم أسأل أحدا عن شئ، فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي وأنزعه من قبل رجلي، وأن حجي، فاسد، وأن علي بدنة. فقال له: متى لبست قميصك، أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال: قبل أن ألبي. قال: فاخرجه من رأسك، فإنه ليس عليك بدنة، وليس عليك الحج من قابل، أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شئ عليه. طف بالبيت سبعا، وصل ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) واسع بين الصفا والمروة، وقصر من شعرك، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج، واصنع كما يصنع الناس).
أقول: ظاهر هذين الخبرين إن لبس الثوب قبل الاحرام والاحرام فيه إنما كان عن جهل، وأنه معذور في ذلك لمكان الجهل. وصحيحة معاوية ابن عمار المتقدمة وإن كانت مطلقة إلا أنه يمكن حمل اطلاقها على الخبرين. وحينئذ فيشكل الحكم بالصحة في من تعمد الاحرام في المخيط عالما بالحكم. إلا أنه قد تقدم من الأخبار ما يدل على أن الاحرام إنما هو عبارة عن التلبية وأخويها، فترك الثوبين لا يضربه ولا يبطله.
نعم يكون الاحرام فيهما (1) تعمدا موجبا للإثم، والظاهر سقوطه