بل يأكل الميتة، لأنه إذا ذبحه صار ميتة بغير خلاف، فأما أن كان مذبوحا، فلا يخلو ذابحه، إما أن يكون محرما أو محلا، فإن كان محرما فلا فرق بينه وبين الميتة، وإن كان ذابحه محلا، فإن ذبحه في الحرم فهو ميتة أيضا، وإن ذبحه في الحل، فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء أكل الصيد ولم يأكل الميتة، وإن كان غير قادر على فدائه أكل الميتة. قال: وهذا الذي يقوى في نفسي، لأن الأدلة تعضده وأصول المذهب تؤيده، وهو الذي اختاره شيخنا في استبصاره.
وذكر في نهايته أنه يأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة. ثم رجع (1) عن ما قواه وقال: والأقوى عندي أنه يأكل الميتة على كل حال، لأنه مضطر إليها ولا عليه في أكلها كفارة، ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الاحرام على كل حال، لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة.
أقول: وظاهره هو أكل الميتة إلا في تلك الصورة الخاصة، وهو ما إذا ذبحه المحل في الحل وكان المضطر إلى أكله قادرا على الفداء. ثم إن ما يدل عليه كلامه من كون مذبوح المحرم ميتة مطلقا منظور فيه بما عرفت في المسألة السادسة من القول بحله على المحل في الصورة المذكورة، ودلالة جملة من الأخبار الصحاح على ذلك. وحينئذ ففي شموله لمحل البحث تأمل.
ثم إنه لا يخفى أن الأصل في اختلاف هذه الأقوال هو اختلاف الأخبار الواردة في المسألة:
ومنها ما رواه ثقة الاسلام في الكافي في الصحيح عن بكير وزرارة