من أجرة المثل فله قدر الكفاية دون الأجرة، وإن كانت أجرة المثل أقل من كفايته فله الأجرة دون الكفاية.
وقال في المبسوط: الولي إذا كان فقيرا جاز له أن يأكل من مال اليتيم أقل الأمرين من كفايته أو أجرة مثله، ولا يجب عليه قضاؤه، لقوله تعالى: (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) (١).
وقال ابن إدريس: الذي يقوى في نفسي أن له قدر كفايته كيف ما دارت القضية، لقوله تعالى: (فليأكل بالمعروف) فالملتزم بظاهر التنزيل هو الواجب دون ما سواه، هذا إذا كان القيم بأمورهم فقيرا، وإن كان غنيا لم يجز له أخذ شئ من أموالهم لا قدر الكفاية ولا أجرة المثل (٢).
والوجه عندي أن له أجرة المثل، سواء كان غنيا أو فقيرا. نعم يستحب للغني تركه، وهو قول الشيخ في آخر باب التصرف في أموال اليتامى (٣)، وبه قال ابن الجنيد فإنه قال في كتاب القضاء: ولا يختار أن يكون الوصي إلا من استكملت فيه خصال العدالة، والموسر أحب إلينا من المحتاج، ويكون للمحتاج من الأجرة على قدر قيامه لا على قدر حاجته.
لنا: إنه فعل يصح المعاوضة عليه فاستحق فاعله الأجرة إذا لم يتبرع.
ولأنه لولا ذلك لزم أحد الأمرين: وهو إما الإضرار باليتيم أو بالولي، وكلاهما منتف بالأصل، لأنا إن أوجبنا على الولي القيام مجانا تضرر الولي، وإن سوغنا ترك القيام تضرر اليتيم، وقوله تعالى: ﴿ومن كان غنيا فليستعفف﴾ (4) لا إشعار فيه بالوجوب، بل يدل بمفهومه على الأولوية.