وقال ابن إدريس: ما ذكره شيخنا في نهايته خبر واحد لا يصح، ولا يجوز العمل به، لأنه مخالف لما عليه الأمة بأسرها، ومناف لأصول مذهب أصحابنا وفتاويهم وتصانيفهم وإجماعهم، لأن المبيع إذا كان مجهولا كان البيع باطلا بغير خلاف، وقوله: (يقبض نصف الثمن ويكون العبد الآبق بينهما ويرد الباقي من العبدين) فيه اضطراب كثير وخلل كبير إن كان الآبق الذي وقع عليه البيع فمن مال مشتريه والثمن بكماله لبائعه، وإن كان الآبق غير من وقع عليه البيع والباقي الذي وقع عليه البيع فلأي شئ يرده، وإنما أورد شيخنا هذا الخبر على ما جاء إيرادا لا اعتقادا، لأنه رجع عنه في مسائل خلافه في كتاب السلم، ثم أورد ما نقلناه عن الشيخ في كتاب السلم (1).
والتحقيق أن نقول: العقد إن وقع على عبد مطلق موصوف بصفاته المقصودة الموجودة الرافعة للجهالة صح البيع، فإذا دفع البائع العبدين إلى المشتري ليتخير أحدهما جاز أن يتخير أيهما شاء، فإذا أبق أحدهما فإن قلنا:
المقبوض بالسوم مضمون ضمنه المشتري هنا، وإلا فلا، وإن وقع على أحدهما كان باطلا.
والشيخ - رحمه الله - عول في ذلك على رواية محمد بن مسلم، عن الباقر - عليه السلام - قال: سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان فقال للمشتري: اذهب بهما فاختر أيهما شئت ورد الآخر وقد قبض المال فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده، قال: يرد الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن مما أعطى من البيع ويذهب في طلب الغلام، فإن وجد يختار أيهما شاء ورد النصف الذي أخذ، وإن لم يجد كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه