عرض واحد.
فحينئذ هل مقتضى حكومة القاعدة على قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (1) هو الفور، أو التراخي؟
ربما يقال: بالأول; بدعوى أن العقد إذا وجد، يرتفع بدليل نفي الضرر، وجوب الوفاء به في القطعة الأولى من الزمان، فيجعله متمكنا من الفسخ بعد ما لم يكن كذلك، فمع ترك الفسخ اختيارا، يكون اللزوم الضرري فيما بعد الزمان الأول، مستندا إلى اختياره، لا إلى الشارع (2).
وبعبارة أخرى: إن ترك فسخه مع العلم والعمد، إقدام على الضرر في القطعات المستقبلة، فلا يشمله دليل نفي الضرر، ومقتضى إطلاق دليل اللزوم، وجوب الوفاء به في تلك القطعات، فينتج الفورية.
وفيه: أن الاختيار الآتي من قبل دليل نفي الضرر، لا يعقل أن يكون مانعا عن رفع اللزوم في القطعات الآتية; ضرورة أن مقتضى حكومة الأدلة الثانوية - كالحرج والضرر - على الأدلة الأولية، هو رفع الحكم الكلي بالحكم الكلي في محيط التشريع.
فدليل نفي الضرر حكم قانوني كلي، حاكم على الأحكام القانونية الكلية، ونتيجتها التخصيص أو التقييد فيها، من غير نظر إلى المصاديق الخارجية.
ولا شبهة في أن العقد الغبني ضرري بجميع حالاته، وفي جميع قطعات الزمان، كما لا شبهة في أن المغبون لم يقدم على الضرر في شئ من القطعات