ودعوى: ظهور جملة الكلام في التعدد والانفصال خارجا، بلا بينة; لعدم دلالة لجملة الكلام، إلا أن يدعى الانصراف، وعهدتها على مدعيها.
إشكال ودفع إن قلت: إن الألفاظ الموضوعة لنفس الطبائع، لا تدل إلا عليها، والدلالة على الأصناف والأشخاص، تحتاج إلى دوال أخر، فإذا لحق بها ما يدل على الاستغراق - كالجمع المحلى - يدل ذلك على تكثر المدخول فردا، لا صنفا ونوعا، كما قلنا في قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) إن الجمع يدل على كل مصداق من العقد، لا على كل نوع منه (1).
وبعبارة أخرى: إنه بعد امتناع تكرر الواحد وتكثره بما هو، لا بد أن يكون التكثر إما باعتبار كثرة الأنواع، أو الأصناف، أو باعتبار كثرة الأفراد، والظاهر هو الأخير; لأنه تكثر لنفس الطبيعة، وغيره يحتاج إلى تقييد.
وكذا الحال في علامة التثنية اللاحقة للطبائع، فإنها أيضا دالة على التكثر الفردي، لا النوعي والصنفي، ف «الإنسانان» صادق على مصداقين من صنفين، أو من صنف واحد، وكذا «العالمان» وغيرهما.
والظاهر من التكثر الفردي بحسب فهم العرف، هو الكثرة الخارجية، لا كثرة العنوان أو الكثرة الاعتبارية، ولهذا لو أمر بإكرام عالمين، يجب عليه إكرام شخصين، ولا يكفي إكرام شخص ذي عنوانين.
بخلاف ما لو قال: «أكرم العالم» ثم قال: «أكرم الهاشمي» فإن إكرام مجمع العنوانين كاف، هذا أصل.