عدم دخالة القصد في الموضوع له والتحقيق: أن القصد غير مأخوذ لا في مواد تلك الأفعال، ولا في هيئاتها; لبطلان الاشتراك اللفظي، وعدم دلالة المادة المشتركة عليه، وإلا لدلت في جميع المشتقات الطارئة عليها، ولا الهيئة، وإلا لدلت في سائر المواد الطارئة هي عليها، ولم تختص بتلك المشتقات.
وما يتراءى من دخالة القصد في التعظيم والتحقير والإهانة، فليس من جهة الوضع والدلالة اللفظية، بل حقائق تلك العناوين قد تكون من الواقعيات والتكوينيات، كعظم الجبل والشجر، وحقارة الحبوب، ومهانة البناء.
فيقال: «عظم التراب والماء والشجر تعظيما» و «حقرت الحبوب تحقيرا» وأمثال ذلك، فتكون تلك الاستعمالات على وجه الحقيقة، ولا يكون باب «التفعيل» فيها إلا دالا على تعدية المادة، فمعنى «عظم» أنه صار عظيما، و «عظمه تعظيما» أي جعله عظيما، من غير دخالة القصد فيه.
وقد تكون تلك العناوين من الاعتبارات العقلائية، كتعظيم العالم، وإهانة الفاسق; فإنها اعتبارية، لا حقيقة لها إلا في صقع الاعتبار، وفي مثلها ما يكون موضوع اعتبار العقلاء، هو صدور تلك الأفعال - الدالة على تعظيمه أو تحقيره وإهانته - عن قصد، لا بمعنى دخالة القصد في الموضوع له، بل بمعنى دخالته في موضوع اعتبار العقلاء.
ولهذا نرى: أن إسناد تلك الأفعال بهيئاتها وموادها، إلى التكوينيات صحيح، ولا يعتبر فيها القصد، وما يعتبر فيه ذلك هو الاعتباري منها، فموضوع الاعتبار مركب من مفاد هذه الأفعال هيئة ومادة، وأمر زائد عليها; هو الصدور الاختياري القصدي.