الانقداح في الأذهان العرفية بأن «لا ضرر...» مثبت للخيار في جميع المعاملات، التي جرت العادة بالتغابن فيها، بل هو منصرف عن الغبن المتسامح فيه الذي لا يعدونه شيئا، بل يتسامحون به عند احتماله.
بل ربما يطلق عليه «عدم الضرر والغبن» ولو بنحو الحقيقة الادعائية، ومنه يظهر الانصراف في روايات تلقي الركبان (1)، فلا إشكال في الحكم.
كما أن الظاهر: أن المقصود ب «الفاحش» وبمقابله في النص وكلمات الأصحاب - ما عدا متأخري المتأخرين - هو الاحتمال الأخير المشار إليه.
حكم الشك في مفهوم التغابن ولو شككنا فيما يتغابن الناس به، أو فيما يتسامح الناس فيه; أي شككنا في حده نظير الشبهة المفهومية، فإن قلنا: بانصراف دليل نفي الضرر عنه، فلا يصح التمسك به; لفرض إجماله، ولا شك في سرايته إلى الدليل، فالمرجع عموم وجوب الوفاء; لأن المخصص مجمل ومنفصل، ولا يسري إجماله إلى العام.
إلا أن يقال: بالفرق بين المخصص المجمل، والدليل الحاكم المجمل; بدعوى سراية إجمال الحاكم إلى المحكوم; فإنه ناظر إليه، وكأنه مفسر له.
فقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا ضرر...» على مبنى القوم; أي لا حكم ضرري، فلا لزوم ضرري، ولا وجوب وفاء ضرري، فيكون حاله حال القيد المتصل، وعليه لا يصح التمسك به، ولا بالعام المنفصل عنه.