الاستدلال بالتبادر على اعتبار الاختيار منها: التبادر على اختلافهم في التعبير عنه، فقد يقال: يتبادر الاختيار; لأنهما بدونه لم يفترقا، بل فرقا (1)، والظاهر منه أن الفعل بمادته أو هيئته، يدل مطلقا على الاختيار.
وقد يقال: يتبادر الاختيار من الفعل المسند إلى الفاعل المختار (2)، والظاهر منه اختصاص ذلك بخصوص الفعل المسند إليه.
وكيف كان: فيحتمل أن يكون المراد من «التبادر» هو المستعمل في باب الحقيقة والمجاز، كما يشعر به بعض كلماتهم، فيدعى أن الفعل مطلقا أو خصوص المسند إلى المختار، موضوع بمادته أو بهيئته للمعنى الاختياري.
فعلى الأول: يكون استعمال الأفعال في غير المختار مجازا.
وعلى الثاني: تكون مشتركة لفظا، وضعت بمادتها أو بهيئتها تارة لأمر اختياري، وأخرى لأمر مقابل له، نظير ما قيل: إن بعض الأفعال يعتبر فيها القصد، كالتعظيم، والتأديب، ونحو ذلك، كما أن بعضها لا يمكن صدوره إلا بلا قصد، كالسهو، والنسيان، والغفلة، أو بالاضطرار، كالموت، والسقوط، ونحو ذلك.
وفي الحقيقة هذا راجع إلى مادة الفعل; بمعنى أنه يعتبر في مادته القصد أو الغفلة (3)، انتهى.