ومما ذكرنا، يظهر الأمر في دعوى تبادر الصدور الإرادي من المادة أو الهيئة، إذا كان الفعل مسندا إلى الفاعل المختار (1); فإن لازمه وضع المادة للمعنى المتقيد في حال إسناد الفعل إليه، على أن يكون الظرف والحال قيدا للموضوع له.
فيكون معنى المادة في «ضرب زيد» الضرب الصادر من الفاعل المختار عن اختياره، ومعنى «ضرب زيد» صدر منه الضرب الصادر من الفاعل المختار عن اختياره، وهو كما ترى، وأسوأ منه احتمال كون القيد للهيئة.
وأما احتمال أن تكون المادة المتقيدة بالهيئة الخاصة، موضوعة للفعل الاختياري ففاسد; لأن القيد إن كان هو الهيئة الخاصة بعنوانها وبالحمل الأولي، فهو فاحش.
وإن كان هو الهيئة بالحمل الشائع، فهو أفحش; للزوم تعدد الوضع لكل صيغة صيغة، وتعدد الدال في كل استعمال، بعد كون المادة موضوعة مستقلا، والهيئة كذلك، والمادة المتقيدة بالهيئة كذلك.
والإنصاف: بطلان تلك التصورات، والتحقيق ما عرفت، هذا حال التبادر الكاشف عن الوضع.
إبطال التبادر بمعنى الانصراف وأما التبادر بمعنى الانصراف، فهو غير ثابت في الأفعال التي لها مبدأ صدوري ك «ضرب» و «قام» حتى إلى الاختياري في مقابل الاضطراري القهري، فكيف بما ليس له مبدأ صدوري؟!