بالتشريع، والنهي تشريع لدفعه، والدعوى المذكورة أجنبية عن الدفاع عن إضرار الغير.
وأولى بذلك تدارك ما وقع من الضرر مالا ونفسا; فإن الضرر لم يكن في تشريعه وتقنينه، بل لو أمر بالجبر والتدارك، فإنما هو لرفع الضرر غير المربوط بالتشريع.
وبالجملة: لا تكون دعوى المشرع إلا نفي الضرر في تشريعه، ومصححه ليس إلا عدم جعل الأحكام الضررية في شريعته، ودفع الناس عن الإضرار وتداركه بعد تحققه، غير مربوطين بدعواه.
عدم جعل للشارع لصحة العقود ولزومها ثم إن الصحة واللزوم في العقود، لما كانا من الأحكام العقلائية الثابتة بين العقلاء، من غير فرق بين منتحلي الإسلام وغيرهم، لم يكونا من الأحكام الشرعية، والمجعولات الإلهية، ومن جملة تشريعاته، بل ما ورد من الشارع ليس إلا الإرشاد إلى ما عليه العقلاء، والتصديق لما بنوا عليه وإنفاذه.
وليس الإنفاذ إلا إبقاء ما هو محقق بحاله، نظير أصالة الصحة، وقاعدة اليد، وحجية خبر الثقة، والظواهر... إلى غير ذلك، فإن في شئ من تلك الموارد، ليس للشارع تشريع وتقنين، فيصح للشارع دعوى عدم الضرر والضرار في تشريعه وتقنينه، ولو كانت العقود العقلائية فيها ضرر على الناس.
نعم، له أن يدفع الضرر عنهم; بجعل الخيار، أو نفي الصحة، أو بالتدارك، لكنها لا تكون مستفادة من دليل نفي الضرر.
وإن شئت قلت: بعد صحة الدعوى، إذا لم يكن في تشريعه ضرر - وإن كان فيما بين الناس معاملات ضررية، لم يكن للمشرع دخالة فيها، وإنما أقرها