إحداهما: أن الظاهر أن الجواب المحذوف في الشرطية، هو لزوم الأداء ولا بديته، لا الصحة; فإن تقديرها أمر لا يبعد من البشاعة، وذلك لأن مبنى البيع على اللزوم عند العقلاء، وهذا الكلام سيق لبيان تخلص البايع مما وقع فيه، فيكون المراد «أنه إذا جاء في الثلاثة وجب عليك الرد وإلا فلا» مع أن انفساخ البيع بلا سبب، وعلى وجه التعبد، بعيد عن الأذهان، وأبعد منه تعليق الصحة على ما ذكر.
وأما نفي اللزوم الموافق للإرفاق، فلا يستبعده العقلاء، بل يكون موافقا لمذاقهم، فيكون حاصل القضية الشرطية: «إن جاءك في الثلاثة لزمك الرد; لكون البيع لازما، وإلا فلا يلزم» ويفهم منه «أنك على خيار» فيتفرع عليه «أنه لا بيع له».
وثانيتهما: قوله (عليه السلام): «فلا بيع له» فإنه المناسب للزومه من جانب واحد، دون الصحة.
وتشهد للمدعى رواية «دعائم الإسلام» عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه قال فيمن اشترى صفقة، وذهب ليجيء بالثمن، فمضت ثلاثة أيام ولم يأت به: «فلا بيع له إذا جاء يطلب، إلا أن يشاء البائع» (1).
ضرورة أن الصحة والفساد، ليسا تابعين لمشيئة البائع، وما يصح أن يعلق على مشيئته، هو اختياره للأخذ والفسخ، فهي شاهدة على المراد في سائر الروايات، والإشكال في سندها لا ينافي التأييد.
ويمكن تأييد المدعى، برواية علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل اشترى جارية، وقال: أجيئك بالثمن.