فحينئذ يصح رفع الإشكال: بأن الغبن بوجوده اللحاظي، سبب لجعل الخيار من أول العقد، أو سبب لجعله حال العلم به، فالجاعل قد يرى أن المصلحة في جعل الخيار للمغبون، حال وجود الغبن من أول العقد، وقد يرى المصلحة لجعله من حال علم المغبون بالغبن، فلا يرد إشكال تأثير المعدوم، أو كونه جزء الموضوع.
نعم، لا بد وأن يكون لوجود الغبن خصوصية، أو للغبن المعلوم خصوصية، لأجلها تعلق الجعل بالخيار، لكن العلم قد يتعلق بالشيء المعدوم لا بما أنه معدوم، بل بوسيلة عنوان موجود في الذهن، كالعلم بشريك الباري والحكم به، وبالمعدوم المطلق والحكم به.
فحال حدوث البيع وكذا التفاوت بقيد حال حدوثه، وإن كانا معدومين حال العلم كما تقدم (1)، لكن العلم يتعلق بهما متأخرا عنهما، فيكون الوجود العلمي اللحاظي، سببا أو دخيلا في جعل الخيار، هذا بحسب مقام الثبوت.
مقتضى الأدلة الكشف عن ثبوت الخيار حال العقد وأما في مقام الإثبات، فمقتضى جميع الأدلة، ثبوت الخيار من حال العقد، وعدم دخل العلم فيه بوجه:
أما الخيار العقلائي الثابت بنبائهم وحكمهم، فلا شبهة في أنه معلول نفس الغبن، ولا يرى العقلاء للعلم دخالة فيه بوجه، وهو الدليل الوحيد في خياره.
وأما سائر الأدلة، فدلالتها على الثبوت حاله واضحة، إلا رواية تلقي