الاعتراض الثالث على ثبوت الخيار للوكيل في مجرد العقد ومنها: أن مفاد أدلة الخيار، إثبات حق وسلطنة لكل من المتعاقدين، على ما انتقل إلى الآخر، بعد الفراغ عن تسلطه على ما انتقل إليه (1).
ومحصل ما هو ظاهر كلامه: أن الخيار سواء كان حق فسخ العقد، أو رد العين اعتبارا إلى ملكه، إنما يثبت لمن كان قادرا على رد ما انتقل إليه بعد الفسخ خارجا; فإن الفسخ أو الرد الاعتباري المستلزم له، إنما هو لرد ما تعلق به العقد خارجا.
فكما أن البيع وإن كان هو النقل الإنشائي، لكن مع عدم القدرة على تسليم العوضين وتسلمهما مطلقا، لا يعده العقلاء عقدا وبيعا، فصحة البيع عند العقلاء، موقوفة على إمكان حصول المضمون في الخارج، سواء كان بالتسليم أم بالتسلم، ومع عدم إمكان تحقق واحد منهما، والعجز المطلق عنهما، لا يكون العقد صحيحا، كذا الخيار، إنما جعل لمن كان مسلطا على ما انتقل إليه، ومع امتناع الرد، وعدم التسلط عليه، لا معنى لجعل الخيار له، ولا بد وأن تكون هذه السلطنة مفروضة، وإلا فأدلة الخيار لا تثبتها.
وتشهد لما ذكرناه من مراده، الأمثلة التي أوردها، مثل كون المبيع ممن ينعتق عليه ونحوه (2)، فإنه مع حصول العتق بمجرد البيع، لا يكون لمن ينعتق عليه سلطنة على الرد خارجا، فلا يكون له الخيار.