وأما بناء على كونه عدميا، فهو من أعدام الملكات، وليس تقابله مع الاجتماع تقابل الإيجاب والسلب.
وشأن الأمور الانتزاعية، ألا تكون لها علة بلا واسطة، كما لا يكون لها وجود مستقل، لكن بما أنها وجوديات، لا بد لها من علة محققة، وإنما علتها هي علة مناشئ انتزاعها.
فعلة الاجتماع هي ما جعل الشيئين على وضع خاص وهيئة مخصوصة، أو جعل أحدهما بحيث تحصل له مع صاحبه هيئة خاصة، وكذا الافتراق بناء على أنه أمر وجودي انتزاعي.
هل يعتبر في الافتراق حصوله بفعل المتبايعين؟
ثم إنه قد يوجد الافتراق بين الشيئين بوجود منشئه بفعل فاعل مختار، وقد يوجد بفعل فاعل مضطر أو مكره، وقد يوجد بتأثير مؤثر غير شاعر، كالعلل الطبيعية، كل ذلك لا إشكال فيه.
إنما الإشكال: في أن المستفاد من أدلة الخيار، هل هو اعتبار حصول الافتراق - الذي هو غاية له - بفعل المتعاملين، أو أحدهما مطلقا، أو بشرط كون الإيجاد عن اختيار منهما؟
أو لا يعتبر فيه شئ منهما، بل يكفي مطلق حصوله في تحقق الغاية، وسقوط الخيار؟
أما قضية اعتبار الاختيار، فنتعرض لها في المسألة التالية.
وأما الاحتمالان الآخران، فيبتنيان على أن «الافتراق» المذكور في الروايات بصيغة المضارع، أو الماضي المنسوب إلى المتعاملين، والمجعول غاية للخيار، هل هو ظاهر في صدوره بوسط وبمنشأ انتزاعه منهما، أو ظاهر في أن المعتبر حصوله لهما وحلوله فيهما، ومع الشك يرجع إلى الأصل؟