حتى يدل على الأولى في خصوص ما تتم وعلى الثانية في خصوص ما لا تتم، وإليه مآل خيرة " الشرايع " وإن لم يستدل بهذا الوجه.
ولا يمكن الجمع الدلالي بحمل (خبر الحلبي) على الممزوج مع بقاء (صحيح عبد الجبار) بحاله من المنع في الحرير المحض، لاستواء ما تتم وما لا تتم في الجواز عند الامتزاج اتفاقا - كما سيأتي ومن الواضح: أن سياق (خبر الحلبي) هو بيان الخصيصة لما لا تتم عندما كان الحكم في غيره مما تتم هو المنع.
ويؤيده ما يأتي - في بحث الامتزاج - من ظهور غير واحد من نصوص ذاك الباب في الجواز عندما كان العلم أو الزر أو نحو ذلك حريرا (1) إذ لو جاز في العلم المفسر بالطراز ونحوه لجاز في مثل التكة التي لا ميز بينها وبين الطراز في المقدار غالبا، وعليه لا غبار في الجواز.
وأما الجمع السندي: بتقديم (صحيح عبد الجبار) على (خبر الحلبي) بصحة ذاك وضعف هذا ب " ابن هلال " تارة، وبحمل الصحيح على التقية أخرى.
والمراد من الضعف - على الأول - هو النسبي منه لا الضعف الموجب للسقوط عن الحجية، لأن الجمع فرع التعارض المتوقف على حجية كل واحد من المتعارضين في نفسه. ولكن قد عرفت: عدم استقرار التعارض بعد امكان الجمع الدلالي.
والمراد من التقية هنا غير مبين، إذ المشهور بين العامة هو المنع التكليفي دون الوضعي، فلو كان المراد من قوله عليه السلام " لا تحل " هو نفي الجواز الوضعي لكان مخالفا للاتقاء منهم، وأما لو كان المراد منه هو نفي الحل التكليفي لكان مصونا عن فتنة الخلاف، إذ لا ريب في الحرمة التكليفية عندهم حتى حال الصلاة البتة، والذي يسهل الخطب هو ما مر: من الغناء عن تجشم الجمع السندي بعد امكان الجمع الدلالي بتقديم النص على الظاهر.