ثم اعترض على نفسه بأن منع جعل الدين مضاربة إلا بعد قبضه لا يستلزم منع بيعه على من هو عليه قبل قبضه وتعينه في ملك بائعه.
ثم أجاب: بأن بيع خيار الرؤية لا يحتاج إلا إلى ذكر الجنس، وكونه في ملك البائع والوصف له دون تعيين عينه بالإشارة إليه والمشاهدة له والقطع عليه، وليس كذلك حكم مال المضاربة، لأنه يجب أن يكون مذكور الجنس معينا، ولا يكفي ذكر الجنس والوصف دون تعيينه في الملك كما كفى ذلك في بيع خيار الرؤية، وإن كان كل واحد من المالين مملوك الجنس غير متعين ملك عينه، ولا يتعين ملك عينه إلا بعد قبضه فيصح بيعه على من هو عليه بيع خيار الرؤية، لأنه مملوك الجنس للبائع، ومن هو عليه عالم بقبضه فقام - علم من هو عليه به وبصفته - مقام وصف البائع له. فجمع هذا البيع الأمرين اللذين هما شرط في صحة بيع خيار الرؤية وهو: ذكر الجنس وعلم من هو عليه الذي هو قائم مقام صفته، فلذلك جوزنا بيعها على من هي عليه، لأن البيع عليه بيع خيار الرؤية، لأن من شرطه ذكر الجنس والصفة، فإذا بيع عليه فقد جمع الأمرين جميعا، بخلاف بيعه على غيره، لأن أحد الأمرين لا يحصل له، لأن صاحبه لا يعلم عينه حتى يصفها للمشتري، فإن وصفها كان كاذبا جاهلا، فيدخل في النهي عن بيع الغرر، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فلهذا جوزنا بيعها على من هي عليه دون غيره، وليس كذلك إذا ضاربه بها، لأن مال المضاربة يحتاج أن يكون متميز العين في ملك رب المال وقبل قبضه لمن هو في ذمته ليس هو متميز العين فافترقا (1).
وطول في هذا الباب، وأطنب بما لا تحصيل له، وسبب غلطه ما توهمه من الحصر ولم يدل عليه بدليل. ثم اعتذاره عن مخالفة الإجماع بجواز التخصيص