والظاهر من مجموع الروايات، أنها بصدد إثبات أمر واحد، فيعلم أنها أيضا كالموجبة، فيعتبر فيها وجود الموضوع (1).
أقول: إن الاستفادة من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «البيعان بالخيار حتى يفترقا» - بالاستناد إلى أن الموجبة تحتاج إلى وجود الموضوع - مبنية على أن الغاية دخيلة في استمرار الخيار، وداخلة في المغيا، وهو واضح البطلان.
وأما إذا كانت غاية; بمعنى انقطاع الحكم بها، وأن الخيار مستمر إلى ما قبلها; وهو عدم الافتراق، فلا حكم إيجابي يحتاج إلى وجود الموضوع، والغاية في أمثال المقام من هذا القبيل.
فقوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط...) (2) إلى آخره، يدل على أن المراد، هو جوازهما في الليل مستمرا إلى زواله; أي ما لم يتبين الخيط الأبيض، لا أن تبينه أيضا دخيل، حتى يحكم بعدم جواز الأكل في الليل، إذا كان المكلف في محل فرض عدم تحقق النهار فيه أبدا.
وبالجملة: تدل تلك الغايات على سقوط الحكم عندها، والحكم ثابت إلى انتهاء زمان مقابلاتها، فالمتفاهم من الرواية، أن الخيار ثابت ما لم تتحقق الغاية، لا إلى زمان حصولها.
هذا مع الغض عن سائر الروايات، وإلا فالأمر أوضح; فإن قوله (عليه السلام) في بعضها: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فلا خيار» (3) بمنزلة التفسير للرواية المتقدمة، المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ظاهر الدلالة في أن الخيار