فيلزم التأمل في اندراجها جميعا تحت دليل الجواز وعدمه، فلا بد من النظر المستأنف في نصوص الباب.
فمن تلك النصوص: هو ما رواه عن البزنطي قال: سأل الحسين بن قياما أبا الحسن عليه السلام عن الثوب الملحم بالقز والقطن والقز أكثر من النصف أيصلى فيه؟
قال لا بأس قد كان لأبي الحسن عليه السلام منه جبات (1).
وظاهره التجويز في المزج بكون اللحمة قزا وقطنا مع كون الأول أكثر، وأما ما عدا ذلك فهو قاصر عن اثباته، وأقصاه اندراج الأوليين فيه، وأما الصورة الأخيرة: فلا.
ومنها: ما رواه عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بلباس القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان (2).
والمستفاد منه أيضا التجويز إذا كان المزج على الأوليين، وأما على الثالثة: فلا لأن القطن وكذا الكتان مما يمكن التعدي عنه إلى غيره، لكونه مثالا لا حدا.
وأما كيفية المزج: فلا سبيل إلى التعدي عنها، باندراج الصورة الثالثة أيضا.
ومنها: ما رواه عن إسماعيل بن الفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام في الثوب يكون فيه الحرير؟ فقال: إن كان فيه خلط فلا بأس (3).
لا إشكال في إطلاق السؤال وشموله لجميع تلك الصور المفروضة، إذ يصدق عليها جميعا أن في الثوب حريرا. إنما الكلام في المراد من الجواب هل هو تكرار لمفروض السائل أو تفصيل فيه بالتقييد؟ فعلى الأول: يدل على الجواز في جميع تلك الصور، وأما على الأخير: فيدل على الجواز في خصوص صورة الخلط - كما في الأوليين - وأما في الثالثة: فلا، إذ المفروض تمحض ذاك الشكل في القزية بلا امتزاج أصلا وإن كان ما عداه من سائر أجزاء الثوب غير القز أو خليطا أيضا، ولا يبعد هذا الاحتمال. فمعه لا مجال للاستدلال به على التعميم.