التفريق من المكان الذي أحدثا فيه، إلا أنه لم يذكر غايته. وفي الحجة الثانية من بلوغ المكان الذي أحدثا فيه إلى أن يقضيا المناسك ويرجعا إلى ذلك المكان. والواجب حمل هذه الرواية على ما قدمناه من الروايتين الأولتين، بتقييد اطلاق الغاية في الحجة الأولى بما تقدم من قضاء المناسك، وحمل الرجوع في الحجة الثانية إلى ذلك المكان بعد قضاء المناسك على الاستحباب، كما صرح به بعض الأصحاب.
وأما صحيحة معاوية بن عمار الأولى فقد تضمنت أنه إن لم يكن جاهلا فإن عليه أن يسوق بدنة، ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا. وظاهرها أن ذلك في الحجة الأولى، ولم يتعرض للحجة الثانية. ومثلها في ذلك صحيحة سليمان بن خالد ورواية السرائر.
وظاهر كلام ابن الجنيد المتقدم نقله أنه أوجب التفريق في الحجة الأولى من مكان الخطيئة إلى أن يرجعا إليه. وهذه الأخبار تصلح لأن تكون مستندا له، إلا صحيحة معاوية بن عمار الثانية، فإنها إنما اشتملت على الحجة الثانية، إلا أنه جعل غاية التفريق فيها بلوغ الهدي محله. ومثله في صحيحته الأخيرة من الروايات المتقدمة. والظاهر أنه كناية عن الاحلال وإن لم يكن عن جميع محرمات الاحرام وقضاء جميع المناسك، كما تقدم في الروايات السابقة.
ولعل طريق الجمع بينها حمل تعدد هذه الغايات على مراتب الفضل والاستحباب، فغايته الأولى بلوغ الهدي محله، وأفضل منه قضاء جميع المناسك، وأفضل الجميع الرجوع إلى موضع الخطيئة.
ثم إن عندي في المقام اشكالا لم أقف على من تنبه له ولابنه عليه