تمتعوا. فلما خرجوا من عنده دخلت عليه، فقلت له: جعلت فداك والله لئن لم تخبرهم بما أخبرت به زرارة ليأتين الكوفة وليصبحن بها كذابا. قال: ردهم علي. قال: فدخلوا عليه، فقال: صدق زرارة ثم قال: أما والله لا يسمع هذا بعد اليوم أحد مني) أقول: الظاهر أن مراده (عليه السلام) يعني: لا يسمع الأمر بالتمتع.
وروى في التهذيب في الصحيح عن إسماعيل الجعفي (1) قال: (خرجت أنا وميسر وأناس من أصحابنا، فقال لنا زرارة: لبوا بالحج. فدخلنا على أبي جعفر (عليه السلام) فقلنا له: أصلحك الله إنا نريد الحج ونحن قوم صرورة أو كلنا صرورة، فكيف يصنع؟ فقال: لبوا بالعمرة. فلما خرجنا قدم عبد الملك بن أعين، فقلت له: ألا تعجب من زرارة، قال لنا: لبوا بالحج. وأن أبا جعفر (عليه السلام) قال لنا: لبوا بالعمرة. فدخل عليه عبد الملك بن أعين، فقال له: إن أناسا من مواليك أمرهم زرارة أن يلبوا بالحج عنك، وأنهم دخلوا عليك فأمرتهم أن يلبوا بالعمرة. فقال أبو جعفر (عليه السلام): يريد كل انسان منهم أن يسمع على حده أعدهم علي. فدخلنا، فقال: لبوا بالحج، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله لبى بالحج).
أقول: لا يخفى أن الأمر من زرارة لهم بالاهلال بالحج إنما كان تقية، كما هو صريح حديث الكشي المتقدم، ومراده الاعلان بذلك ظاهرا بين الناس مع اضمار التمتع في أنفسهم، فلا ينافي أمره (عليه السلام) لهم بالعمرة، ولكنهم لما لم يفهموا ذلك، وأنه يؤدي إلى الطعن في زرارة الذي هو من أخص خواصه (عليه السلام) أفتاهم