نعم لو قلنا: بأن البيع الحقيقي، ما تترتب عليه الآثار فعلا، فالإنشائي بيع بالحمل الشائع وإن لم يكن حقيقيا، بل إما مجاز أو غلط، لكن المبنى فاسد.
فماهية البيع هي المبادلة الكذائية، وهذا المفهوم بيع بالحمل الأولي، والمنشأ بالألفاظ إيجاد لهذه الماهية، وبيع بالحمل الشائع.
وكيفما كان: مادة البيع ليست إلا ما ذكر، ولو فرض أن ماهية البيع هي المبادلة المؤثرة في النقل الواقعي، فبيع الوكيل بيع حقيقي بهذا المعنى، لكن التحقيق ما مر.
وأما هيئة اسم الفاعل، فموضوعه لعنوان بسيط منتزع ممن قام به الفعل; أي الفاعل بما أنه فاعل، ولا شبهة في أن البيع يوجد بإيجاد المنشئ ومجري الصيغة، والوكيل في إجراء الصيغة، وكيل في إيجاد ماهية البيع حقيقة.
فقوله: إنه بمنزلة اللسان، أو إنه بمنزلة الآلة إن أراد أنه كالآلة الجمادية مثل السيف والرمح، فهو كما ترى.
وإن أراد أنه أوجد البيع بوكالة في نفس الإيجاد فقط، فهو - مع عدم صحة إطلاق «الآلة» عليه إلا بنحو من التأويل - لا يضر بالمقصود، وهو كونه بيعا حقيقة، وإن كان إيجاد البيع بوكالة من غيره.
وبالجملة: إطلاق «الآلة» و «اللسان» عليه موجب للخطأ والاشتباه.
بل الظاهر أنه في الأفعال الصادرة من الحيوان بإغراء صاحبه - كالكلب المعلم، أو الحيوان الضاري - يكون نفس الفعل صادرا منه حقيقة، فالكلب يأخذ الصيد بإرادته واختياره، وإن كان مطيعا لصاحبه، والسبع يقتل ما ألقي لديه، لا الملقي.
نعم، إن الملقي سبب، ولما كان الحيوان المباشر للقتل، غير مدرك للحسن والقبح، ولاحترام دم المسلم، يكون السبب في القتل أقوى، لا أن المباشر آلة،