وبالجملة: إن للآية الكريمة على فرض استفادة الحكم التكليفي منها مدلولين، أحدهما: مطابقي، والآخر: استلزامي، ودليل الخيار بمنزلة الاستثناء من الحكم الوضعي; أي اللزوم المستفاد استلزاما من قوله تعالى، لا من الحكم التكليفي المطابقي.
وعلى فرض كونه كناية عن اللزوم، ليس له مدلول واقعي إلا لزوم المعاملة، فكأنه قال: «كل عقد من عقودكم لازم» واستثنى منه العقد الخياري، سواء كان الخيار للمالك أو لغيره، كما لو شرطه لغيره.
ويشهد له قوله (عليه السلام): «فإذا افترقا وجب البيع» (1) فإنه ظاهر - كالصريح - في أن الاستثناء من الحكم الوضعي، فكأنه قال: «لا يجب البيع قبل الافتراق».
بل لقائل أن يقول: إنه على فرض كون الاستثناء من وجوب الوفاء تكليفيا، لا يلزم اختصاص الخيار بالمالك; فإن وجوب الوفاء بالعقد المتوجه إ لي المالكين، لا يختص بما إذا كان العقد صادرا منهما حقيقة.
بل إذا كان العقد متعلقا بمالهما، مع رضاهما به فعلا، أو بعد التعلق كما في الفضولي، يجب عليهما الوفاء، لا لأن العقد صادر منهما حقيقة; ضرورة عدم صدوره منهما.
بل لأن العقد مجاز أو مرضي به منهما، فكذلك الخيار إذا كان متعلقا بعقدهما; لأن العقد المربوط بهما خياري، غير واجب العمل، في مقابل سلب الخيار مطلقا، فالخيار في عقدهما، أو العقد المنسوب إليهما وإن كان للغير، لكنه موجب لصدق كون العقد خياريا، ولا يجب الوفاء به، فتدبر.