ولا فرق فيما ذكرناه بين الحقائق المستمرة الوجود، والاعتباريات والانتزاعيات; فإن الزمان باق بنفسه، وأما مبدؤه فلا يكون باقيا.
وكذا قطعاته الاعتبارية والانتزاعيات التي يكون منها الغبن والتفاوت والزيادة والنقيصة، مستمرة بذاتها باستمرار مناشئها، وأما المنتزع من الحادث بما هو حادث، فلا يبقى، ولا يستمر.
وبالجملة: يرد في المقام الإشكال الذي في الإجازة على النقل، ولا يدفع بالجواب الذي قلنا به في ذلك المقام (1); فإن البيع لما لم يكن إلا نفس طبيعة التمليك بالعوض، أو التبادل بين العوضين، من غير دخالة للحدوث فيها، فيكون باقيا اعتبارا، كما يكون حادثا كذلك.
وأما في المقام، حيث كان حال الحدوث دخيلا، فلا يعقل بقاؤه، والظاهر أن هذا أمر عرفي، كما أنه عقلي، هذا حال الشرط.
وأما احتمال أن يكون العلم جزء، والغبن حال حدوث البيع جزء آخر، أو البيع الغبني الحادث بما هو حادث جزء، فلا يعقل; لأن المفروض أن أحد الجزءين معدوم، والخيار أمر ثبوتي، ولا يعقل أن يكون المعدوم حال عدمه، سببا ولو لأمر اعتباري، ولا موضوعا لأمر ثبوتي ولو كان اعتباريا; لامتناع ثبوت شئ لأمر غير ثابت عقلا وعرفا.
ويمكن أن يقال: إن الخيار هاهنا وفي سائر الخيارات، ثابت لأحد المتعاملين، أو لهما، ففي المقام إن المغبون له الخيار، وليس الغبن بوجوده الخارجي سببا للخيار، أو جزء سبب له، وليس المقام كالبيع، حيث إن البيع الخارجي المنشأ سبب للنقل الإنشائي.