فالإقدام على البيع الضرري بلا إحرازه، كالإقدام على إتيان الواجب بما هو كذلك بلا إحرازه، ولا يعقل البناء القلبي على أنه ضرري، كما لا يعقل الإقدام على الشئ على أي تقدير; بمعنى كون التقدير قيدا للإقدام، فإن الفعل الخارجي لا يعقل تحققه على أي تقدير.
نعم، يمكن قصد إتيانه وإن كان فيه الضرر، لكنه ليس إقداما على الضرر، بل إقدام على البيع المحتمل كونه ضرريا، فلو كان مجرد الاحتمال والشك يوجب صدق الإقدام على الضرر، يجب أن يصدق الإقدام على عدم الضرر; لأن احتماله أيضا محقق.
فالإقدام على المشكوك فيه إن كان إقداما على أحد طرفي الشك، لا بد من صدقه بالنسبة إلى الطرفين، وهو محال.
وإن قلنا: بأن الإقدام على البيع غير المأمون من الضرر، كاف في عدم انطباق الحديث عليه، فلا شبهة في تحققه.
وإن قلنا: بأن عنوان «الإقدام على الضرر» أو «على ما لا يؤمن منه» غير معتبر; لأنه ليس مأخوذا في لسان دليل، بل ما يمنع عن التمسك به، هو عدم كون نفي الضرر منة، أو كون نفيه خلاف المنة، من غير نظر إلى لفظة «الإقدام» فالظاهر تحقق المنة، ولا يكون نفيه خلافها.
كما أنه إن شككنا في أنه موافق للمنة أولا; لأجل الشك في مفهومها، لا يصح رفع اليد عن إطلاق دليل «لا ضرر...» لأن الشبهة مفهومية مرددة بين الأقل والأكثر، ولا تكون من قبيل القرائن الحافة بالكلام حتى توجب الإجمال.
بل الإطلاق منعقد، وبعد التأمل والتفكر في أطراف القضية، ننتقل إلى ما أفاده الأعلام، هذا بناء على التمسك في الخيار ب «لا ضرر...».