وأما دليل نفي الضرر:
فقد يقال: بعدم شموله له; لأنه وارد في مقام الامتنان، ولا امتنان مع علمه وإقدامه (1)، وقالوا نظير ذلك في دليل الحرج، وفي سائر ما ورد الدليل فيه في مقامه (2).
والظاهر عدم صحة هذه المزعمة في شئ من الموارد; فإن كون الورود في مقام الامتنان، لا يوجب تقييد الدليل; لاحتمال كونه نكتة للجعل، لا علة للحكم، ودعوى الانصراف عما لا يكون فيه امتنان كما ترى، وعهدتها على مدعيها، فإطلاق الدليل محكم.
مع أن جعل الخيار حتى للعالم بالغبن، لا يكون مخالفا للامتنان، بل يؤكده; باعتبار احتمال حصول البداء للمغبون، لوضوح الفرق بين أمثال الصوم والأغسال الضررية والحرجية، وبين البيع الضرري; لإمكان أن يقال فيها: إن المكلف إذا تكلف وأتى بها بعد ضرريتها وحرجيتها، فالأمر بإتيانها ثانيا، أو بقضاء ما يشترط فيه الطهارة، خلاف الامتنان.
وأما الخيار في البيع الضرري، ولو مع إيقاعه عن علم به، فلا يكون مخالفا للمنة، بل هي المرتبة الأعلى منها.
هذا كله مع أن هنا روايات خاصة، تدفع هذه المزعمة، وهي ما وردت في باب وجوب الإفطار في السفر في شهر رمضان، كرواية ابن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الصائم في السفر في شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر».
ثم قال: «إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، أصوم شهر رمضان