بقي بعض ما يختص بخصوص العقود، أو سائر الأمور الاعتبارية:
منها: أن العقد أمر اعتباري، وما اعتبره العقلاء منها، ما هو مورد عملهم وحاجتهم، كعقد البيع، وعقد الصلح، والإجارة، وكذا العقد اللازم والجائز، وأما القدر المشترك بينهما فلم يعتبروه، وليست العقود كالتكوينيات; مما تكون موجودة مع الغض عن اعتبار المعتبر.
وبالجملة: الجامع أيضا أمر اعتباري على فرض اعتبارهم، ومع عدمه لا واقعية له، والفرض أن اعتباره لغو، غير دخيل في أغراضهم، فاختل الاستصحاب; لفقد المستصحب.
وفيه: أن الجامع بين العقود بعد اعتبارها انتزاعي، لا اعتباري، فإذا اعتبر عقد البيع ووجد، يتحقق معه طبيعي العقد، ومع وجود فرد آخر، يوجد أيضا بعين وجوده.
فطبيعي العقد منتزع من العقود، ومشترك بينها، من غير لزوم اعتبار زائد على اعتبار العقود، كما أنه بإيجاد فرد من الإنسان، يوجد طبيعي الإنسان، وبإيجاد فرد آخر يوجد الطبيعي أيضا، من غير جعل متعلق بجامع الاشتراك.
فجامع الاشتراك في الموردين على نعت واحد، وإن كان الجامع في الأول جامع أمور اعتبارية، وفي الثاني جامع أمور تكوينية، فلا إشكال من هذه الناحية.
ومنها: أن عموم قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) استغراقي، وقد ذكر في السابق: أن أداة الاستغراق وضعت لتكثير مدخولها (1)، والمدخول في المقام هو طبيعة العقد، والأداة تدل على تكثيرها، فيكون مفاده وجوب الوفاء بكل فرد من