واستصحاب هذا الأعم لإثبات قسم منه - أي التمليك المجرد عن قصد القربة - مثبت، كإثبات وجود الفرد الطويل باستصحاب الجامع والكلي.
وثانيا: أن التمليك المجان لا بشرط - أي نفس ماهية التمليك المجان - جامع بين الهبة الجائزة واللازمة; أي الصدقة، ولا بد من فارق بين المقسم وقسميه، وكذا بين القسمين منه.
والفرق بين المقسم وقسميه: هو أنه نفس التمليك المجان بلا قيد وبلا شرط، وأن القسمين متقومان بقيد وشرط، وهو قيد بشرط شئ، وقيد بشرط لا، وهما قيدان معتبران في القسمين; للامتياز بينهما وبين مقسمهما.
فاستصحاب عدم قصد القربة في التمليك المجان - على فرض جريانه - لا يثبت القسم المقابل، فهو من قبيل نفي أحد القسمين; لإثبات القسم الآخر.
ولا يصح القول: بأن الهبة هي التمليك لا بقيد القربة; فإن التمليك لا بشرط ولا بقيد، هو المقسم; إذ فرق بين لا بشرط وبشرط لا; فإن الأول نفس الماهية، والثاني ماهية متقيدة بقيد، ولو كان القيد عدميا.
ثم في تقديم أصالة عدم قصد القربة - لإحراز الهبة الجائزة - على أصالة بقاء الأثر إشكال، إلا إذا كان الأصل المذكور محرزا لكبرى شرعية; وهي «أن التمليك المجان الذي ليست فيه القربة، هبة جائزة» لأن مجرد السببية والمسببية، ليس مناط الحكومة كما مر (1).
فلو استفيد من الأدلة أو فتاوى الفقهاء، أن التمليك المجان الذي لا يكون فيه قصد القربة، هبة شرعا، صحت الحكومة، وإلا فلا.