فاستصحاب أحدهما كاف عن الآخر، ولا يكون مثبتا; لعدم كونهما لازما وملزوما في نظر العرف، وإن كانا كذلك عقلا، والميزان هو الحكم العرفي وفهم العرف.
ففي المقام يمكن أن يقال: إن جعل خيار فسخ العقد للمتبايعين في نظر العرف، عين جعل نفوذ فسخهما، لا أنه ملزومه، وكذا الحال في جعل جواز العقد بالنسبة إلى فسخه، فيكون استصحاب الخيار كافيا لإثبات نفوذ الفسخ، من غير لزوم كونه مثبتا فتأمل; فإن المسألة تحتاج إلى مزيد تأمل، ولا تخلو من إشكال.
ثم إن في حكومة هذا الاستصحاب - أي استصحاب بقاء العلقة، أو استصحاب بقاء الحكم الوضعي; أي نفوذ الفسخ - على استصحاب بقاء العقد، أو بقاء الملك إشكالا; فإن مجرد السببية والمسببية، لا يوجب تقدم الأصل السببي، ولا يكون هذا الأصل في شئ من الموارد، حاكما على المسببي.
بل على ما أشرنا إليه (1) وفصلناه في محله: إن ما هو شأن الأصل في الاستصحابات الموضوعية، ليس إلا تنقيح موضوع الدليل الاجتهادي، وإنما الحاكم على الأصل المسببي، هو الدليل بلسانه (2).
ففي المقام الذي يستصحب فيه الحكم الوضعي أي نفوذ الفسخ، لا يكون الأصل السببي بلسانه مقدما على المسببي، حتى يرفع شكه، بل لسانه «أنه إذا شككت فالفسخ نافذ» ولسان الأصل المسببي «أنه إذا شككت فالعقد باق» ولا تقدم لأحدهما على الآخر، وإن كان الشك في بقاء العقد، مسببا عن الشك في نفوذ الفسخ، لكن مجرد ذلك غير كاف للتقدم، فالأصلان - على فرض جريانهما - متعارضان.