عصرنا في البوادي البعيدة عن الأمصار.
ثم بعد مضي عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتابعين، وقيام سلطنة الأمويين والعباسيين مقام النبوة والخلافة، تغيرت الأحوال والأوضاع في البلاد، ولا سيما في العواصم.
فقوله: «صاحب الحيوان بالخيار» حيث إنه محكي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا إشكال في إطلاقه بالنسبة إلى البائع والمشتري; لمكان شيوع المبادلات في الحيوانات، ولا وقع لدعوى الانصراف إلى المشتري، ومدعيه قايس زمانه بعصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومحيطه بمحيطه، وغفل عن الواقعة.
وأما قوله: «صاحب الحيوان المشتري بالخيار» (1) فهو صادر من أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، وعصره ومصره مخالفان لعصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومصره; فإن في عصره (عليه السلام) كانت المبادلات بالذهب والفضة رائجة، وفي العواصم أكثر تداولا، ولهذا يمكن دعوى كون القيد غالبيا، فلا يصلح لتقييد إطلاق النبوي.
وتوهم: أن الإشكال وارد على الإطلاق أيضا (2)، ناشئ عن الغفلة عما نبهنا عليه.
مع أن من المحتمل، أن يكون «المشترى» في تلك الروايات بالبناء للمفعول، ليكون صفة ل «الحيوان» ومعه يكون الوصف محققا للموضوع، ولا مفهوم له، فالأمر دائر بين كونه صفة ل «صاحب الحيوان» حتى يكون له مفهوم، أو ل «الحيوان» فلا حجة لرفع اليد عن الإطلاق.
وأما قوله (عليه السلام): «في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري» (3) كما في