بل لو كان المراد التفرق من مكانهما أو مجلسهما - كما حكي مرسلا:
«المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا عن مكانهما» (1) - يصدق أيضا بالانتقال من مكانهما بالمعنى الحقيقي العرفي; فإنه عرفا عبارة عن الموضع الخاص، الذي يكون تحت قدميه، أو ركبتيه وساقيه، ولو أطلق «المجلس» أو «المكان» على أمر أوسع كالبيت والدار، كان على نحو المسامحة.
فلا يكون «المكان» بالمعنى الفلسفي; أي البعد المجرد أو الموهوم الذي شغله الجسم، ولا بالمعنى المسامحي العرفي، كالبيت، والبلد، بل هو الموضع الخاص الذي وقع ثقله عليه.
وعلى ذلك: لا إشكال في صدقه بالانتقال بالخطوة، وبأدنى منها، وإذا صدق عليه، فمقتضى إطلاق الأدلة كفاية ذلك.
ودعوى: الانصراف (2) ممنوعة، ولا سيما في مثل هذا الحكم الذي هو على خلاف الأنظار العرفية; فإن خيار المجلس وغايته، ليس شئ منهما عرفيا عقلائيا، بل تعبديان شرعيان، ومعه لا مجال لرفع اليد عن إطلاق الدليل، كما لا مجال لدعوى الانصراف.
فظهر مما ذكر: أن الميزان هو مطلق التفرق، لا التفرق المطلق.
بل لعل التفرق المطلق لا معنى له، سواء أريد به التفرق الذي لا تراد الرجعة معه، أو أريد به التفرق بلا إضافة; فإن لازم الأول، عدم سقوط الخيار بالذهاب إلى بلد إذا أراد الرجوع، ولازم الثاني عدم صدق «التفرق» مطلقا، فالملحوظ لو لم يكن تفرقهما عن حال الاجتماع، فلا يحصل له معنى رأسا.