وفيه: أن القائل باعتبار القصد في بعض الأفعال، لا بد له من الالتزام بوضع مستقل لمادة خاصة، تكون مادة لبعض الهيئات ك «التفعيل» مثلا، فتكون المادة المتقيدة بكونها مادة لهيئة كذائية، مأخوذا فيها القصد.
وهو أمر تنبو عنه الأذهان المستقيمة، ولا أظن التزام القائل به; ضرورة أن التعظيم ونحوه، مركب من هيئة «التفعيل» والمادة المشتركة بينه وبين سائر المشتقات منها، ومن الواضح أن بعض المشتقات منها، لا يؤخذ فيه القصد; لا مادة، ولا هيئة، مثل «عظم» مقابل «صغر» و «العظمة» أي الكبرياء، وكذا في سائر ما يتوهم فيه ذلك، كالإهانة، والتحقير; ضرورة أن فيها مشتقات لا مساس لها - مادة وهيئة - بالقصد والاختيار.
ولا يقاس ذلك ببعض المواد التي لها معان خاصة بها في ضمن بعض الهيئات، نحو «استكان» بمعنى خضع في خصوص تلك الهيئة; فإن من الممكن في أمثالها، أن يكون ذلك لمهجورية المادة المشتركة في سائر الأبواب، لا للوضع الخاص في خصوص هذا الباب.
مع أن بينها وبين المقام فرقا، ولا يبعد أن تكون «الاستكانة» من «كان يكين» أي خضع، و «المستكين» الخاضع، كما في اللغة (1)، بل هو المتعين فيها.
وأما مثل كلمة «القصد» و «الاختيار» وكذا «السهو» و «الغفلة» ونحوها من العناوين، فهي موضوعة لتلك العناوين، وجارية في جميع المشتقات الطارئة عليها، وليس القصد أو الغفلة واللا قصد، مأخوذا فيها، بل نفس ذاتها قصد، أو إرادة، أو سهو، أو نسيان، وقياس التعظيم والتحقير والإهانة عليها، مع الفارق.