بحسب العناوين والمفاهيم، وتشخيص مصاديقها بحسب الواقع والخارج، محولا على العرف العام، لا العقل البرهاني الدقيق.
فإذا قال: «الدم النجس كذا» يكون الاعتبار في تشخيص مفهوم «الدم» ومصداقه، بنظر العرف، فإذا رأى العرف شيئا لون الدم لا نفسه، لا يحكم بنجاسته، وإن كان اللون - بحسب البرهان العقلي - لا ينتقل إلى موضوع آخر، وكان ما يتوهمه العرف لونا، هو الدم وأجزاؤه الصغار واقعا، فالموضوع للنجاسة هو عنوان «الدم» عرفا، ومصداقه ما يراه العرف بحسب الخارج دما.
ثم إن المراد من تشخيص العرف، ليس ما هو المتداول في لسان بعضهم; من التشخيص المسامحي والمسامحة العرفية; فإن العرف قد يتسامح كما في بعض الموضوعات التي لا يعتني بها، كالتبن، والكلأ، ولا يتسامح في بعضها، كالذهب، ونحوه، والميزان في موضوعات الأحكام، تشخيص العرف الدقيق المحقق، لا المسامح، إلا أن تقوم قرينة على أن الشارع أيضا، تسامح في موضوع فيتبع.
وعلى ذلك: لا بد في تشخيص تحقق الافتراق، من الرجوع إلى العرف بحسب دقته، ولا يعتنى بمسامحته، إلا أن يدل دليل على المسامحة شرعا.
ثم إن الظاهر من الأخبار على كثرتها، أن الغاية هي افتراق المتبايعين; أي ببدنهما، لا افتراقهما عن المجلس أو المكان، ولا بلحاظ اجتماعهما فيه، ومقتضى ذلك ملاحظة صدق «افتراق البدنين» والغض عن المكان والمجلس.
وبعبارة أخرى: إن «الاجتماع» أو «اللا افتراق» بعد عدم كونهما بمعنى الاتصال والمماسة، يكون المراد منهما نحو اجتماع، أو عدم تفرق عرفي حال البيع، والتفرق المقابل لهما، هو الانتقال والتباعد عن هذه الحالة بالنظر التحقيقي العرفي، وهو يحصل بالخطوة، بل وبأدنى منها عرفا، ولو قيل معه ب «بقاء اجتماع البدنين» فهو على ضرب من التسامح والتأويل العرفي.