فمنها: ما يكون التلبس به مستقرا وثابتا نحو الحرف، ولو مع عدم الاشتغال الفعلي بالعمل، كالتاجر، والصانع.
ومنها: ما يكون التلبس به قابلا للبقاء، وباقيا في عمود الزمان، كالعالم، والعادل.
ومنها: ما يكون التلبس به آنيا، كالقارع، والفاصل، والواصل، والموجد، ومنه البائع والمشتري، ففي مثل ذلك يكون حال التلبس - أي الآن الذي وجد فيه الفعل - آن صدق المشتقات، والآن الآخر حال انقضائها; إذ لا يعقل صدق «القرع» بدون صدق «القارع» على فاعله حاله; لأنهما متضايفان.
إن قلت: الخيار ثابت للمتبايعين بعد إلحاق القبول بالإيجاب، مع أن حال القبول حال انقضاء المبدأ عن البائع الموجب، فيراد من «البائع» المنقضي عنه المبدأ، لا المتلبس به، وظاهر السياق أن المشتري أيضا ملحق به.
قلت: بناء على ما بنى عليه الأصحاب - من أن البيع مركب من الإيجاب والقبول، وأنهما ركنان لماهية البيع (1) - فالإيجاب وحده ليس ببيع، بل هو المركب منه ومن القبول، فحال تحقق القبول حال صدق «البيع» وتلبس كل منهما بالمبدأ، فلا يصدق «البيعان» إلا بعد ضم القبول، وهو حال التلبس.
وأما على ما ذكرناه، فلا يمنع شئ من الالتزام بثبوت الخيار للبائع قبل ثبوته للمشتري، فتأمل.
إن قلت: مقتضى ثبوت الخيار إلى زمان التفرق، ووحدة الموضوع من حال الثبوت إلى حال التفرق، أن يكون الموضوع - وهو البيعان - أمرا قابلا للبقاء إلى زمانه.