و «البيع» بما له من المعنى أي المتلبس بالمبدأ، لا يعقل بقاؤه، فلا بد أن يكون المراد منه عنوان «من باع واشترى» بعد عدم الجامع بين المتلبس وغيره، وهو عنوان صادق بعد الانقضاء، وحال تحقق القبض.
قلت: كما يمكن ذلك، يمكن أن يكون دليل الخيار - ببركة غايته - دالا على حدوثه لعنوان المتلبس بالمبدأ، وعلى بقائه لعنوان المنقضي عنه ذلك، وفيما لم يكن أصل حدوث الخيار مسبوقا بالجعل، لم يكن دليل الخيار متكفلا ببقائه; إذ معلوم أن البقاء إنما هو بعد الحدوث.
فالدليل كافل للحدوث; أخذا بظهور المشتق، وكافل للبقاء; مستفادا من الغاية، ومع هذا الاحتمال لا يصح إثبات حدوثه بعد القبض.
والذي يمكن أن يقال: هو أن الأدلة العامة المثبتة للأحكام الكلية، أو المطلقة للموضوعات، إنما تثبت الحكم القانوني - بالإرادة الاستعمالية - لجميع المصاديق ونفس الطبائع، والمخصصات والمقيدات كاشفات عن الجد والحكم الواقعي في غير مواردها، من غير استعمال اللفظ في غير ما وضع له، كما هو مقرر في محله (1).
فحينئذ نقول: كما أن قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (2) - بحسب إطلاقه - يثبت الحكم للعقد بغير قيد، ومقتضاه ثبوته في عمود الزمان، وبعد خروج بعض الزمان، وقع النزاع في جواز التمسك به لغير مورد التقييد، كذلك إطلاق الأدلة المثبتة للخيار للمتبايعين، يقتضي ثبوته لهما في جميع البيوع، حتى الصرف والسلم، فتدل على ثبوته وبقائه إلى زمان التفرق، خرج زمان ما قبل القبض في الصرف والسلم، ومقتضى الإطلاق ثبوته من زمانه إلى زمان التفرق.