لم يستطع أن يتركه فان عمل كان يعمل بأجر لا يدرى ما هو لأنه لا يدرى ما يخرج من ذلك الزيتون والزرع والنمر وما أشبه ذلك في اللقط والحصاد فهو كلما عمل وجب له من جعله بقدر ما عمل وهو إذا شاء ترك ذلك ألا ترى أنه إذا جمع منه شيئا قليلا ثم بدا له أن يترك ما بقي تركه وأخذ حقه فيما عمل ولم يلزمه ما ترك وذلك أن طحن ولم يعصر ثم أراد أن يترك بطل عمله (قلت) فان قال له احصد زرعي هذا وادرسه على أن لك نصف ما يخرج منه (قال) لا خير في ذلك لأنه لا يجب له شئ الا بعد الدراس وهو لا يدرى كيف تخرج هذه الحنطة ولا كم تخرج (قلت) فلو قال له رجل بعني هذه الحنطة كل قفيز بدرهم وهو زرع قائم (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فما فرق ما بين هذا وبين الجعل وأنت قد أجزت هذا في البيع عند مالك (قال) لان مالكا قال لو أن رجلا قال لرجل بعني قمح زرعك هذا كذا وكذا أردبا بدينار أو قفيزا وذلك بعد ما استحصد وهو سنبل قائم لم يكن به بأس ولو قال له أبيعك زرعي هذا كله قد وجب لك على أن على البائع حصاده ودرسه وذرية لم يكن في ذلك خير لأنه إنما باعه قمح ما يخرج من زرعه فلا خير في ذلك (قلت) فما فرق ما بين الذي باعه وهو قائم على أن على ربه حصاده ودراسه جميعا جزافا وبين الذي اشترى منه أردبين بدينار على أن يحصده صاحبه ويدرسه وهذا في الوجهين جميعا العمل على رب الزرع (قال) لان هذا اشترى بكيل يعلم ما اشترى وهذا اشترى جزافا فلا يعلم ما اشترى فكل شئ اشتراه رجل جزافا لم يصلح له أن يشتريه حتى يعاينه وهذا إنما يعاينه بعد درسه وكل من اشترى كيلا فرأى سنبله فلا بأس بذلك لأنه إنما اشترى منه من حنطته هذه التي في سنبله هذا كيلا فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن قال أبيعك حنطتي التي في بيتي كل أربين بدينار (قال) لا يجوز ذلك عند مالك حتى يصفه أو يريه منها (قلت) فما فرق ما بين هذا والذي في سنبله (قال) لان الذي في سنبله قد عاينه فهذا فرق ما بينهما
(٤٦١)