العرية بخرصها من التمر ان ذلك يتحرى ويخرص في رؤس النخل وليست له مكيلة وإنما ذلك بمنزلة التولية والإقالة والشرك ولو كان ذلك بمنزلة غيره من البيوع ما أشرك الرجل أحدا في طعام حتى يستوفيه ولا أقال منه حتى يقبضه ولا ولاه (قال) وبيع العرايا إلى الجداد إنما ذلك مرفق من صاحب الحائط علي صاحب العرية يكفيه عريته ويضمن له خرصها حتى يعطيه إياها تمرا ولولا ذلك ضاعت عريته أو يستأجر فتذهب الإجارة ببعضها (قال) مالك وإنما فرق بين بيع العرايا بالتمر وبين المزابنة لان المزابنة بيع على وجه المكايسة وان بيع العرايا بالتمر على وجه المعروف لا زيادة فيه ولا مكايسة. ومثل ذلك الرجل يبدل للرجل الدراهم بأوزن من دراهمه فإذا كان ذلك على وجه المعروف جاز وإن كان على وجه البيع لم يجز وإنما وضع ذلك على وجه المرفق لصاحب التمر الذي ابتاعه وفيه العرية العذق والعذقان والثلاثة فينزله الرجل بأهله فيشق عليه أن يطأه رب العرية كلما أقبل وأدبر ويريد رب الثمرة الذي ابتاعها أو ورثها أن يسد بابه ولا يدخله أحد فيأتي رب العرية فيدخل فلا ينبغي أن يحال بينه وبين ما يجعل له من عريته فرخص لرب الثمرة أن يبتاع من رب العرية عريته بخرصها يضمنها له حتى يوفيه إياها تمرا لموضع مرفق ذلك به وأنه ليس على وجه المكايسة والتجارة وان ذلك معروف منه كله ولا أحب أن يجاوز خمسة أو سق. ويدل على ذلك أن ابن وهب حدث أن عمر بن محمد وعبد الله بن عمر ومالك ابن أنس حدثوه عن نافع عن ابن عمر وعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها تمرا. وذكر مالك عن داود ابن الحصين أن أبا سفيان مولى ابن أبي أحمد أخبره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها ما دون خمسة أوسق أو في خمسة أو سق يشك داود لا يدرى قال خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق ويدل على أنها معروف وأنها لا تنزل على وجه البيع والمكايسة وأنها رخصة لما فيه من المرفق لمن أريد ارفاقه وطرح المضرة عمن أرفق لما يدخل عليه من واطئة الرجل والأذى
(٢٥٩)