إلا أن يقال: إن جعل النفوذ للفسخ شرعا، لازم جعل الجواز للعقد، فيكون النفوذ من الأحكام الشرعية المترتبة على الجواز.
وفيه منع; فإن النفوذ إذا كان لازما عقلا للجواز، فلا وجه لجعله، ويكون ذلك من اللغو، وهذا نظير جعل الملازمة بين الشيئين، كالغليان والحرمة مثلا، فإنه يغني عن جعل الحرمة عقيب الغليان، وفي مثله لو كان المستند دليلا اجتهاديا، تثبت به اللوازم والملازمات.
وإن كان أصلا، لا يثبت به إلا نفس المستصحب إن كان له أثر شرعي.
فاستصحاب جواز العقد لو لم يثبت به نفوذ الفسخ، فلا أثر له.
وثانيا: لو قلنا بأن مقتضى دليل نفي الضرر، ثبوت الخيار للمتضرر المذكور بمعناه الاشتقاقي، فلا مانع من جريانه; فإن المعتبر في الاستصحاب، هو وحدة القضية المتيقنة والمشكوك فيها موضوعا ومحمولا، لا وحدة القضية المستفادة من الأدلة الاجتهادية مع القضية المشكوك فيها.
وتوضيحه: أن الحكم في الدليل الاجتهادي، إذا تعلق بعنوان ك «العنب» أو «العالم» أو «المتضرر الكذائي» وشك في ثبوت الحكم الكلي لما يغايره عنوانا، أو يخالفه وصفا، فلا يجري الاستصحاب لإثبات الحكم على غير العناوين; للزوم وحدة القضيتين.
وأما إذا ثبت الحكم للموضوع الخارجي كالعنب الخارجي مثلا، وصار محكوما عليه بحكم، وبعد صيرورته زبيبا شك في بقائه، فلا ينبغي الإشكال، في أن الموجود الخارجي بهويته، متعلق لليقين ببركة الكبرى الكلية، فيقال:
«إن هذا الموجود عنب، وكل عنب كذا، فهذا كذا» على طبق جميع القياسات.
وهكذا يقال: «إن زيدا عالم، وكل عالم واجب الإكرام، فزيد واجب الإكرام» فالقضية المتيقنة ليست هي «أن العنب كذا» أو «أن العالم كذا».