على شموله للوضعيات - حكومته على دليل الإتلاف.
بل اليد إن قلنا: بأن فعل المكلف وهو الأخذ، موضوع للضمان إلا أن يقوم دليل على خلافه.
وعدم التزام الفقهاء بما ذكر، لا يدل على اختصاص الدليل بذلك، كما أنهم لم يلتزموا - ظاهرا - برفع الأكل والشرب المكره عليهما في شهر رمضان، مع أن المفطر هو الفعل عن عمد، لا ما إذا وقع عن غفلة ونسيان.
والتحقيق في سر عدم جريانه في مثل المقام: أن فعل الفاعل والصدور منه، غير دخيل بوجه من الوجوه في ترتب الأثر; لأن الافتراق الذي هو غاية أو مسقط، هو وقوع التفرق بينهما بالمعنى الانفعالي والمطاوعي، من غير دخالة الصدور فيه رأسا.
ولو كان المتعاملان سببين لحصوله; بحركة كل إلى خلاف اتجاه الآخر، لم تكن سببيتهما دخيلة في سقوط الخيار، ولا فعلهما، بل هو كالريح الموجب لتفرقهما، نظير ملاقاة النجس للماء القليل; فإن التنجس يحصل بنفس الملاقاة، من غير دخالة سببه، والأمر في أسباب الوضوء والغسل كذلك.
فأمثال ذلك كلها خارجة موضوعا عن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما اكرهوا عليه» (1) فإن الظاهر منه أن الفعل الصادر عن المكلف، إن كان صدوره بإكراه مكره، فهو مرفوع لا يترتب عليه أثر، فشرب الخمر عن إكراه، لا يترتب عليه الحد، ولا فسق الفاعل، فأمثال ما ذكرناه - ومنها الافتراق - خارجة عن دليل الرفع موضوعا.