في مفهوم الغاية، إنما هو على فهم الانحصار من الدليل، وأن العلة المنحصرة لثبوت الخيار هي عدم التفرق، وكذا في سائر المفاهيم، وعدم المعلول بعدم علته المنحصرة عقلي، لا دخل للشرع فيه، فلو صرح بالمفهوم أحيانا، يكون ذلك محمولا على بيان الحكم العقلي.
ألا ترى أنه لو قال: «علة وجوب إكرام زيد منحصرة بمجيئه» لم يبق معه مجال لتشريع عدم الوجوب في ظرف عدم العلة، إذا حاول بيان المفهوم، فالمفهوم حكم عقلي لازم لقضية شرطية ونحوها.
وعلى ذلك: يكون التعارض دائما بين المنطوق الدال على الانحصار، ومنطوق آخر دال على ثبوت الحكم في ظرف عدم العلة، لا بين المفهوم والمنطوق.
نعم، في بعض الأحيان يكون المفهوم حكما شرعيا، نظير قوله: «إن جاءك زيد لا يجب إكرامه» بناء على أن المفهوم وجوبه عند عدم المجيء، كما هو كذلك عرفا، وأما إذا كان المفهوم «ليس بلا يجب» ففيه إشكال أيضا.
وإن قلنا: بأن مفهوم الغاية، إنما يستفاد من جعل ماهية الخيار وحقيقته إلى غاية، فيفهم منه أن تلك الحقيقة تنتفي عند حصول الغاية، فهو أيضا عقلي لا شرعي، والتفصيل في محله (1).
إن قلت: إن دليل وجوب الوفاء بالعقد، مقيد بأدلة الخيارات، فحينئذ إن قلنا: بأن التقييد يوجب تعنون المطلق بعنوان مخالف للقيد، يكون موضوع الوفاء هو العقد غير الخياري بعد التفرق، فيكون التفرق قيدا لموضوع وجوب الوفاء، فيصح رفعه بدليل الرفع.