مضافا إلى وضوح بطلان ذلك; لأن الأوامر الصادرة عن الموالي، لا تترتب عليها النواهي بالوجدان، وكذا الحال في استلزام إرادة الشئ لإرادة نقيضه.
ولو قيل: إن المراد أن الآمر بشئ، لا يعقل أن يكون راضيا بتركه، فلو التفت إليه ينهى عنه، وهذا كاف في المدعى.
وإن شئت قلت: إن وجوب شئ مستلزم لحرمة نقيضه، ولهذا نرى أن الموالي كثيرا ما ينهون عن ترك ما أمروا به.
يقال: إن عدم الرضا بالترك أو الأمر بعدمه، إن كانا ناشئين عن مفسدة ملزمة في الترك; بدعوى أن كل شئ أمر به - لأجل مصلحة ملزمة فيه - يكون في عدمه وتركه مفسدة ملزمة، مستتبعة للحرمة والنهي عنه.
ففيه: - مع بطلانه في نفسه، ومع الغض عن أن الأعدام، لا يعقل أن تكون ذات مفسدة أو مصلحة - أن الحرمة وعدم الرضا بالترك; لأجل المفسدة الكامنة في ذات المنهي عنه، لا تكونان حينئذ لاقتضاء الأمر للنهي عن النقيض، بل الحرمة وعدم الرضا ثابتتان استقلالا، لا باقتضاء الأمر، وهو واضح.
وإن كانا ناشئين عن المصلحة في المأمور به; بمعنى أن النهي لأجل تحصيل المصلحة فيه، وأن عدم الرضا لذلك، فلا يعقل أن يكون النهي تحريميا تكليفيا، بل إما إرشاد عقلي، نظير الأمر بإطاعة الله، أو تأكيد لإيجاد المأمور به، ولهذا لا يكون في ترك كل أمر مخالفتان ومعصيتان وعقابان.
فلو كان النهي تكليفيا، يلزم أن يكون في ترك كل أمر عقابان، وهو ضروري البطلان.
فالحق: أن الأمر بالشيء، لا يقتضي النهي عن نقيضه، وكذا العكس.
ثم لو أغمضنا النظر عما تقدم، وقلنا: بأن الشروط في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):