ومنها: أن بيع العمودين ونحوهما، موضوع لحكم شرعي; هو الانعتاق، وهذا لا مانع منه عقلا لو دل عليه دليل.
فيكون المحصل منه: أن الشارع لم يتصرف في ماهية البيع، ولا في الإنشائي منه، ولا في الحكم العقلائي المرتب عليه; من صيرورة الثمن ملكا للبائع، والمثمن للمشتري; فإن التصرف في اعتبارهم، خارج عن نطاق التشريع، بل حكم بالانعتاق، وخالف العرف في ذلك، فلم يصر المبيع - بحكمه - ملكا للبائع، بل صار منعتقا، فالخلاف مع العرف في خصوص ذلك.
ومن الواضح: أنه على هذا الفرض المعقول، لا يكون المتبايعان سببا للانعتاق بوجه من الوجوه; فإن ما هو فعلهما، هو إيجاد البيع إنشاء بإيجابه وقبوله، وأما ترتب الحكم العقلائي أو الشرعي عليه، فليس في اختيارهم ووسعهم، وإيجاد موضوع الحكم غير إيجاد سببه.
ف «البيعان» صادق عليهما، والثمن منتقل إلى البائع عرفا وشرعا، والمثمن منتقل إلى المشتري عرفا، لا شرعا، بناء على عدم حصول الملك ولو في آن، فلا إشكال في لزوم الأخذ بإطلاق دليل الخيار.
وأما ما قد يقال: من أن البيع الكذائي مع علمهما بالواقعة، التزام بالعقد، وإسقاط للخيار، أو دافع له (1) فغير مرضي إلا على القول: بأن الخيار متعلق بالعين، ومع تلفها يسقط بسقوط موضوعه، وهو كما ترى.
وعليه لا منافاة بين الخيار، وتلف المبيع بفعل الشرع، أو بفعل أجنبي، والأخبار الواردة في خيار الحيوان الحاكمة بسقوطه بالتصرف (2)، قاصرة عن