(فصل) وإن أخرج عن الواجب سنا أعلا من جنسه مثل أن يخرج بنت لبون عن بنت مخاض وحقة عن بنت لبون أو بنت مخاض، أو أخرج عن الجدعة ابنتي لبون أو حقتين جاز لا نعلم فيه خلافا لأنه زاد على الواجب من جنسه ما يجزي عنه مع غيره فكان مجزيا عنه على انفراده كما لو كانت الزيادة في العدد. وقد روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه باسنادهما عن أبي بن كعب قال:
بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا فمررت برجل فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا بنت مخاض. فقلت له: أد بنت مخاض فإنها صدقتك؟ فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولاظهر، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها. فقلت ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب، فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل. فإن قبله منك قبلته، وان رده عليك رددته. قال: فاني فاعل، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا بني الله أتاني رسولك ليأخذ منى صدقة مالي، وأيم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قط قبله، فجمعت له مالي فزعم أن ما علي فيه بنت مخاض وذاك مالا لبن فيه ولاظهر، وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة ليأخذها فأبى وها هي ذه جئتك بها يا رسول الله خذها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك الذي وجب عليك، فإن تطوعت بخير أجزل الله فيه وقبلناه منك) فقال فهاهي ذه يا رسول الله قد جئتك بها. قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا له في ماله بالبركة. وهكذا الحكم إذا أخرج أعلا من الواجب في الصفة مثل أن يخرج السمينة مكان الهزيلة، والصحيحة مكان المرضية، والكريمة مكان اللئيمة، والحامل عن الحوابل، فإنها تقبل منه وتجزيه وله أجر الزيادة