ولان الظهر لو صحت لم تبطل بالسعي إلى غيرها كسائر الصلوات الصحيحة ولان الصلاة إذا صحت برئت الذمة منها وأسقطت الفرض عمن صلاها فلا يجوز اشتغالها بها بعد ذلك، ولان الصلاة إذا فرغ منها لم تبطل بشئ من مبطلاتها فكيف تبطل بما ليس من مبطلاتها ولا ورد الشرع به. فأما إذا فاتته الجمعة فإنه يصير إلى الظهر لأن الجمعة لا يمكن قضاؤها لأنها لا تصح إلا بشروطها ولا يوجد ذلك في قضائها فتعين المصير إلى الظهر عند عدمها وهذا حال البدل (فصل) فإن صلى الظهر ثم شك هل صلى قبل صلاة الإمام أو بعدها لزمه اعادتها لأن الأصل بقاء الصلاة في ذمته فلا يبرأ منها إلا بيقين ولأنه صلاها مع الشك في شرطها فلم تصح كما لو صلاها مع الشك في طهارتها، وان صلاها مع صلاة الإمام لم تصح لأنه صلاها قبل فراغ الإمام منها أشبه ما لو صلاها قبله في وقت يعلم أنه لا يدركها (فصل) فأما من لا تجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام في قول أكثر أهل العلم، وقال أبو بكر عبد العزيز لا تصح صلاته قبل الإمام لأنه لا يتيقن بقاء العذر فلم تصح صلاته كغير المعذور ولنا انه لم يخاطب بالجمعة فصحت منه الظهر كما لو كان بعيدا من موضع الجمعة، وقوله لا يتقين بقاء العذر قلنا أما المرأة فمعلوم بقاء عذرها وأما غيرها فالظاهر بقاء عذره، والأصل استمراره فأشبه المتيمم إذا صلى في أول الوقت والمريض إذا صلى جالسا. إذا ثبت هذا فإنه ان صلاها ثم سعى إلى الجمعة لم تبطل ظهره وكانت الجمعة نفلا في حقه سواء زال عذره أو لم يزل، وقال أبو حنيفة تبطل ظهره بالسعي إليها كالتي قبلها ولنا ما روى أبو العالية قال سألت عبد الله بن الصامت فقلت نصلي يوم الجمعة خلف أمراء فيؤخرون الصلاة فقال سألت أبا ذر عن ذلك فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال
(١٩٨)