عند جبانة بشر فيها أربعة آلاف درهم فذهب بها إلى علي رضي الله عنه فقال: اقسمها خمسة أخماس فقسمتها فأخذ علي منها خمسا وأعطاني أربعة أخماس فلما أدبرت دعاني فقال: في جيرانك فقراء ومساكين؟ قلت نعم. قال فخذها فاقسمها بينهم، ولأنه مستفاد من الأرض أشبه المعدن والزرع.
والرواية الثانية مصرف الفئ نقله محمد بن الحكم عن أحمد وهذه الرواية أصح وأقيس على مذهبه وبه قال أبو حنيفة والمزني لما روى أبو عبيد عن هشيم عن مجالد عن الشعبي أن رجلا وجد ألف دينار مدفونة خارجا من المدينة فأتى عمر بن الخطاب فأخذ منها الخمس مائتي دينار ودفع إلى الرجل بقيتها وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة فقال أين صاحب الدنانير؟ فقام إليه فقال عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك. ولو كانت زكاة خص بها أهلها ولم يرد على واجده ولأنه يجب على الذمي والزكاة لا تجب عليه ولأنه مال مخموس زالت عنه يد الكافر أشبه خمس الغنيمة (الفصل الخامس) فيمن يجب عليه الخمس وهو كل من وجده من مسلم وذمي وحر وعبد ومكاتب وكبير وصغير وعاقل ومجنون إلا أن الواجد له إذا كان عبدا فهو لسيده لأنه كسب مالا فأشبه الاحتشاش والاصطياد، وإن كان مكاتبا ملكه وعليه خمسه لأنه بمنزلة كسبه، وإن كان صبيا أو مجنونا فهو لهما ويخرج عنهما وليهما وهذا قول أكثر أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على الذي في الركاز يجده الخمس قاله مالك وأهل المدينة والثوري والأوزاعي وأهل العراق وأصحاب الرأي وغيرهم. وقال الشافعي لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الركاز لأنه زكاة. وحكي عنه في الصبي والمرأة انهما لا يملكان الركاز. وقال الثوري والأوزاعي وأبو عبيد إذا كان الواجد له عبدا يرضع له منه ولا يعطاه كله ولنا عموم قوله عليه السلام (وفي الركاز الخمس) فإنه يدل بعمومه على وجوب الخمس في كل ركاز يوجد وبمفهومه على أن باقيه لواجده من كان ولأنه مال كافر مظهور عليه فكان فيه الخمس على من وجده وباقيه لواجده كالغنيمة ولأنه اكتساب مال فكان لمكتسبه إن كان حرا أو لسيده إن كان عبدا كالاحتشاش والاصطياد، ويتخرج لنا أن لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة بناء على قولنا انه زكاة والأول أصح